الجمعة، 26 أغسطس 2016

مسائل من انتقاض طهارة النائم !

#نوم القاعد:-
الأقرب هو القول بالعفو مطلقا عمن نام وهو ينتظر الصلاة أو يستمع للخطبة؛ رفعا للحرج ولأن الغالب على مثل هذا أنه لايخفىٰ عليه الحدث لو حدث،  بخلاف من اضطجع أو تصنع للنوم. 
 أما من لم يكن منتظرا للصلاة واستغرق في نوم مستقرّ وهو قاعد كالمسافر بالطائرة مثلًا فهذا قد نام النوم المعتاد لمن كان في مثل حاله.

في مجموع فتاوى ابن تيمية [393/21] :-
«..ولمسلم أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أعتم رسول اللهﷺ ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى" فقالﷺ: «إنه لوقتها؛ لولا أن أشق على أمتي». ففي هذه الأحاديث الصحيحة: أنهم ناموا وقال في بعضها: "إنهم رقدوا ثم استيقظوا ثم رقدوا ثم استيقظوا" وكان الذين يصلون خلفه جماعة كثيرة وقد طال انتظارهم وناموا، ولم يستفصل أحدا، لاسئل ولاسأل الناس: هل رأيتم رؤيا؟ أو هل مكنَ أحدكم مقعدته؟ أو هل كان أحدكم مستندا؟ وهل سقط شيء من أعضائه على الأرض؟، فلو كان الحكم يختلف لسألهم. وقد علم أنه في مثل هذا الانتظار بالليل -مع كثرة الجمع- يقع هذا كله. وقد كان يصلي خلفه النساء والصبيان. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أعتم رسول اللهﷺ ليلة من الليالي بصلاة العشاء فلم يخرج رسول اللهﷺ حتى قال عمر بن الخطاب: نام النساء والصبيان. فخرج رسول اللهﷺ فقال لأهل المسجد حين خرج عليهم: «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم»  وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس".  . . .وهذا يبين أن قول عمر: "نام النساء والصبيان" يعني والناس في المسجد ينتظرون الصلاة. وهذا يبين أن المنتظرين للصلاة كالذي ينتظر الجمعة إذا نام أيَّ نوم كان لم ينتقض وضوءه . . . وإنما الناقض النوم المعتاد الذي يختاره الناس في العادة كنوم الليل والقائلة...»

قال ابن عبد البر في التمهيد(من موسوعة شروح الموطأ2\443):-
   "وقال مالك: من نام مضطجعا أو ساجدا فليتوضأ، ومن نام جالسا فلا وضوء عليه إلا أن يطول. وهو قول الزهري وربيعة والأوزاعي في رواية الوليد بن مسلم، قالوا: من نام قليلا لم ينتقض وضوءه، فإن تطاول ذلك توضأ، وبه قال أحمد بن حنبل. وروى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أنه سأل ابن شهاب الزهري عن الرجل ينام جالسا حتى يستثقل، قال: إذا استثقل نوما فإنا نرى أن يتوضأ، وأما من كان نومه غرارا ينام ويستيقظ ولا يغلبه النوم فإن المسلمين قد كان ينالهم ذلك ثم لا يقطعون صلاتهم ولا يتوضئون منه. وسئل الشعبي عن النوم فقال: إن كان غِرارا لم ينقض الطهارة." 
 قلتُ: قال المبرد في الكامل 1\36 : "ومن هذا: غارَّ الطائر فرخه، لأنه إنما يعطيه شيئاً بعد شيء، وكذلك غارّت الناقة في الحلب، ويقال من هذا: ما نمت إلا غرارا، قال الشاعر:
ما أذوق النوم إلا غراراً ... مثل حسو الطير ماء الثماد". 
وفي المعجم الوسيط:"ويقال: جائنا على غرار: على عجلة. والغرار من الصلاة: نقصان أركانها".
 ثم قال ابن عبد البر: "وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا وضوء إلا على من نام مضطجعا أو متوركا... وقال الثوري والحسن بن حيّ: لا وضوء إلا على من اضطجع. وهو قول حماد والحكم وإبراهيم.
وقال الليث بن سعد: إذا تصنّع للنوم جالسا فعليه الوضوء، ولا وضوء على القائم، والجالسُ إذا غلبه النوم توضأ. ولفظه في الاستذكار:"إذا اتّضع للنوم جالسا فعليه الوضوء، ولا وضوء على القائم والجالسِ، وإذا غلبه النوم توضأ". وروي عن ابن عباس أنه قال:وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق برأسه خفقة أو خفقتين. وقال الحسن وسعيد بن المسيب: إذا خالط النوم قلب أحدكم واستحق نوما فليتوضأ. ورُوي ذلك عن أبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك.-رضي الله عنهم-. وذكره في الاستذكار بلفظ:"...واستغرق نوما فليتوضأ" ثم قال: وبه قال إسحاق وأبو عبيد. وقال المزني صاحب الشافعي: النوم حدث، وقليله وكثيره يوجب الوضوء كسائر الأحداث. قال أبو عمر: هذا قول شاذ غير مستحسن، والجمهور من العلماء على خلافه، والآثار كلها عن الصحابة تدفعه. وذكر عبدالرزاق عن ابن جريج قال: قال عطاء:إذا ملَـكَـكَ النومُ فتوضأ قاعدا أو مضطجعا. وذكَر أيضا عن ثابت بن عبيد قال: انتهيت إلى ابن عمر وهو جالس ينتظر الصلاة، فسلمتُ فاستيقظ، فقال: أثابت؟ قلت: نعم، قال: أسلمت؟ قلت: نعم، قال: إذا سلمت فأسمع، وإذا ردّوا عليك فليُسمعوك، قال: ثم قام فصلى، وكان محتبيا قد نام."
أخرج الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥٥/٩):-
ﻋ‍‍ﻦ‍ ‍ﺟ‍‍ﺎ‍ﺑ‍‍ﺮ ‍ﺑ‍‍ﻦ‍ ‍ﻋ‍‍ﺒ‍‍ﺪ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻠ‍‍ﻪ‍ -رضي الله عنه- ﻗ‍‍ﺎ‍ﻝ‍: "ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﻧ‍‍ﺎ‍ﻡ‍ ‍ﻭ‍ﻫ‍‍ﻮ ‍ﻗ‍‍ﺎ‍ﻋ‍‍ﺪ فلا ‍ﻭ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ﻭ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﻧ‍‍ﺎ‍ﻡ‍ ‍ﻣ‍‍ﻀ‍‍ﻄ‍‍ﺠ‍‍ﻌ‍‍ﺎ ‍ﻓ‍‍ﻌ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻮ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ"

وأقرب مايقال في هذا الباب هو التفريق بين من غُلب علىٰ أمره وهو لايريد النوم وبين من طلب النومَ وقصدَ إليه وهو قاعد فإنك تراه يتكئ ويزول عن حد الاستواء في القعود وإذا أعملنا الآثار في غير هذه الصورة فإنه لايُعدّ تركًا لها بل هو تخصيص لها باجتهاد صحيح.
والأصل هو انتقاض الطهارة بالنوم المستقر المستغرق، فلاننتقل عن هذا الأصل إلا بأمر جليّ لااحتمال فيه ولا إشكال.

 

# نوم المضطجع:-
وصَفَ الشافعي النوم الموجب للوضوء على المضطجع بأنه:"الغلبة على العقل كائنا ذلك ما كان قليلا أو كثيرا، فأما من لم يغلب على عقله مِن مضطجعٍ وغيرِه ما طرق بنعاس أو حديث نفس فلا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن أنه أحدث". ثم قال:- "وإذا شك الرجل في نوم وخطر بباله شيءٌ لم يدر أرؤيا أم حديث نفس فهو غير نائم حتى يستيقن النوم، فإن استيقن الرؤيا ولم يستيقن النوم فهو نائم وعليه الوضوء، والاحتياط في المسألة الأولى كلها أن يتوضأ، وعليه في الرؤيا ويقين النوم وإن قلّ الوضوء".  الأم (٣٦/٢) دار الوفاء.
قلتُ:
 لم يعتبر الشافعي القلة والكثرة هنا لأن النائم لايضبط ولايفصل قليلا من كثير.

# من نام قائما أو راكعا أو ساجدا:-
قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥٥/٩) : 
"فهؤلاء ‍ﺃ‍ﺻ‍‍ﺤ‍‍ﺎ‍ﺏ‍ ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻝ‍ اللهﷺ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺣ‍‍ﻴ‍‍ﺎ‍ﺗ‍‍ﻪ‍ ‍ﻭ‍ﺑ‍‍ﻌ‍‍ﺪ ‍ﻭ‍ﻓ‍‍ﺎ‍ﺗ‍‍ﻪ‍ ‍ﻗ‍‍ﺪ ‍ﻛ‍‍ﺎ‍ﻧ‍‍ﻮ‍ﺍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﻮ‍ﻡ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻰ ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﻗ‍‍ﺪ ‍ﺫ‍ﻛ‍‍ﺮ‍ﻧ‍‍ﺎ‍ﻩ‍ ‍ﻋ‍‍ﻨ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﻫ‍‍ﺬ‍ﻩ‍ الآثار قولا وفعلا بلا اختلاف ‍ﻣ‍‍ﻨ‍‍ﻬ‍‍ﻢ‍ ‍ﻓ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ أنه لا ‍ﻳ‍‍ﻨ‍‍ﻘ‍‍ﺾ‍ ‍ﻭ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ‍ﻫ‍‍م إلا ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ خاصٍ ‍ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﻮ‍ﻡ‍ , والأولىٰ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺨ‍‍ﺎ‍ﺹ‍ ‍ﻫ‍‍ﻮ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺬ‍ﻱ‍ ‍ﺧ‍‍ﺼ‍‍ﻪ‍ ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻝ‍ اللهﷺ ‍ﻣ‍‍ﻨ‍‍ﻪ‍ ‍ﻭ‍ﻭ‍ﺻ‍‍ﻔ‍‍ﻪ‍ ‍ﺑ‍‍ﺎ‍ﺳ‍‍ﺘ‍‍ﺮ‍ﺧ‍‍ﺎﺀ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻔ‍‍ﺎ‍ﺻ‍‍ﻞ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ذي لا ﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﻪ‍ ‍ﺿ‍‍ﺒ‍‍ﻂ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﺎ‍ﺋ‍‍ﻢ‍ ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﻔ‍‍ﺴ‍‍ﻪ‍ ‍ﻋ‍‍ﻦ‍ الأسباب ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺘ‍‍ﻲ‍ ‍ﺗ‍‍ﻨ‍‍ﻘ‍‍ﺾ‍ ‍ﻭ‍ﺿ‍‍ﻮءه، ‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﻘ‍‍ﻮ‍ﻝ‍ ‍ﻣ‍‍ﻊ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻘ‍‍ﺎ‍ﺋ‍‍ﻢ‍ ‍ﻭ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻘ‍‍ﺎ‍ﻋ‍‍ﺪ ‍ﻭ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺴ‍‍ﺎ‍ﺟ‍‍ﺪ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﺪ‍ﻭ‍ﻡ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ منهم، ‍ﻭ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻀ‍‍ﻄ‍‍ﺠ‍‍ﻊ‍ ‍ﻣ‍‍ﻮ‍ﺟ‍‍ﻮ‍ﺩ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ فيه، ‍ﻭ‍ﺇ‍ﺫ‍ﺍ ‍ﻛ‍‍ﺎ‍ﻥ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﻛ‍‍ﺬ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﻟ‍‍ﻢ‍ ‍ﻳ‍‍ﻨ‍‍ﺘ‍‍ﻘ‍‍ﺾ‍ ‍ﻭ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ‍ﻩ‍ إلا ‍ﺑ‍‍ﺘ‍‍ﻠ‍‍ﻚ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺤ‍‍ﺎ‍ﻝ‍ ‍ﺣ‍‍ﺘ‍‍ﻰ لاﻳ‍‍ﺨ‍‍ﺮ‍ﺝ‍ ‍ﻋ‍‍ﻦ‍ ‍ﺷ‍‍ﻲ‍ﺀ ‍ﻣ‍‍ﻤ‍‍ﺎ ‍ﻗ‍‍ﺪ ‍ﺭ‍ﻭ‍ﻳ‍‍ﻨ‍‍ﺎ‍ﻩ‍ ‍ﻋ‍‍ﻦ‍ ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻝ‍ الله ﷺ ﺛ‍‍ﻢ‍ ‍ﻋ‍‍ﻦ‍ ‍ﺃ‍ﺻ‍‍ﺤ‍‍ﺎ‍ﺑ‍‍ﻪ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ هذا الباب".
 ثم روى الطحاوي قول أبي هريرة:"ﻣ‍‍ﻦ‍ ‍ﺍ‍ﺳ‍‍ﺘ‍‍ﺤ‍‍ﻖ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﻮ‍ﻡ‍ ‍ﻓ‍‍ﻘ‍‍ﺪ ‍ﻭ‍ﺟ‍‍ﺐ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻮ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ".
 ثم قال:-« ‍ﻓ‍‍ﻘ‍‍ﺪ ‍ﻳ‍‍ﺠ‍‍ﻮ‍ﺯ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﺳ‍‍ﺘ‍‍ﺤ‍‍ﻘ‍‍ﺎ‍ﻕ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﻮ‍ﻡ‍ ‍ﻋ‍‍ﻨ‍‍ﺪ‍ﻩ‍ ‍ﻫ‍‍ﻮ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺬ‍ﻱ‍ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﻪ‍ ‍ﺍ‍ﺳ‍‍ﺘ‍‍ﺮ‍ﺧ‍‍ﺎﺀ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻔ‍‍ﺎ‍ﺻ‍‍ﻞ‍ , ‍ﻭ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﺃ‍ﻭ‍ﻟ‍‍ﻰٰ ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﺣُ‍‍ﻤ‍‍ﻞ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ‍ﻟ‍‍ﻴ‍‍ﻮ‍ﺍ‍ﻓ‍‍ﻖ‍ ‍ﻗ‍‍ﻮ‍ﻟ‍‍ﻪ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﺃ‍ﻗ‍‍ﻮ‍ﺍ‍ﻝ‍ ‍ﺃ‍ﺻ‍‍ﺤ‍‍ﺎ‍ﺏ‍ ‍ﺭ‍ﺳ‍‍ﻮ‍ﻝ‍ اللهﷺ ‍ﻓ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ‍ﺳ‍‍واه، ‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﻤ‍‍ﺎ ‍ﻳ‍‍ﺤ‍‍ﻘ‍‍ﻖ‍ ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﺫ‍ﻛ‍‍ﺮ‍ﻩ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺍ‍ﺳ‍‍ﺘ‍‍ﺮ‍ﺧ‍‍ﺎﺀ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻤ‍‍ﻔ‍‍ﺎ‍ﺻ‍‍ﻞ‍ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺴ‍‍ﻘ‍‍ﻮ‍ﻁ‍ ‍ﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﻣ‍‍ﻊ‍ ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍،  ‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﺎ لاﻳ‍‍ﻜ‍‍ﻮ‍ﻥ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺴ‍‍ﻘ‍‍ﻮ‍ﻁ‍ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﻪ‍ فبخلاف ‍ﺫ‍ﻟ‍‍ﻚ‍ ‍ﻭ‍ﻣ‍‍ﺎ ‍ﻛ‍‍ﺎ‍ﻥ‍ ‍ﻣ‍‍ﻤ‍‍ﺎ ‍ﻣ‍‍ﻌ‍‍ﻪ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﺴ‍‍ﻘ‍‍ﻮ‍ﻁ‍ ‍ﺇ‍ﻟ‍‍ﻰ الأرض ‍ﻓ‍‍ﺼ‍‍ﺎ‍ﺣ‍‍ﺒ‍‍ﻪ‍ ‍ﻓ‍‍ﻲ‍ ‍ﺣ‍‍ﻜ‍‍ﻢ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻨ‍‍ﺎ‍ﺋ‍‍ﻢ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻰٰ الأرض فمعقولُُ ‍ﺃ‍ﻥ‍ ‍ﻋ‍‍ﻠ‍‍ﻴ‍‍ﻪ‍ ‍ﺍ‍ﻟ‍‍ﻮ‍ﺿ‍‍ﻮﺀ...».
قلتُ:
 من نام قائما أو ساجدا أو راكعا ولم يسقط فلابد أنه لم يستحق النوم (لم يستغرق فيه بل دخل في أوائله ولم يستثقل) فإن سقط وانتبه مباشرة فلم يمض عليه وقت فلايصح أن يقال عرفا إنه قد نام. أما إن سقط واستمر في نومه فهو مضطجع قد خرج عن حكم القائم والراكع والساجد.
 فالأقرب هو العفو عمن نام أثناء صلاته علىٰ أيّ حالٍ كان.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى 395/21  :-
«... وصاحب الشريعة قد يعلم أن الناس إذا كانوا قعودا أو قياما في الصلاة أو غيرها فينعس أحدهم وينام ولم يأمر أحدا بالوضوء في مثل هذا.»
     وقد أوجب الشافعي الوضوء على من نام قائما أو ساجدا أو راكعا، وقال في القاعد:"إنما سُلم فيه للآثار" يريد: أنه لولا الآثار لما صح لنا أن نستثنيه برأينا من عموم الأمر بالوضوء لمن نام، فكذلك لا يصح أن نلحق برأينا الساجد والراكع والقائم بالقاعد إلا إذا تساووا في جميع الأوصاف المؤثرة، وهذا ما لم يتحقق في نظر الشافعي حيث اعتبر اعتماد القاعد على أليتيه وصفا مؤثرا في منع خروج الريح غالبا وليس كذلك الساجد والراكع والقائم. بل يقول-رحمه الله-عن النائم راكعا أو ساجدا أنه:"أحرى أن يخرج منه الحدث فلا يعلم به من المضطجع" وهذا لأنه اعتبر سهولة الخروج وصفا مؤثرا مع قوة الغلبة على العقل والاستثقال فقال في النائم مضطجعا:"وأن سبيل الحدث منه في سهولة ما يخرج منه وخفائه عليه غير سبيله من النائم قاعدا".
* وروي عن أحمد إلحاق الساجد بالمضطجع دون الراكع والقائم. وفي رواية: إذا طال نومه. ولعله نظر إلى اعتماده على الأرض فهو يشبه المضطجع في إمكان الاستثقال والاستغراق لا سيما إذا طال السجود. وسبيل حدث الساجد أسهل منه في القاعد.
ففي شرح الزركشي:-

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية-في مادة (ألية) ما نصه:-
«يَرَىٰ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إِذَا نَامَ وَمَكَّنَ أَلْيَتَهُ مِنَ الأرض فَلاَ يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ لأَِمْنِ خُرُوجِ مَا ينتقضُ بِهِ وُضُوءُهُ. وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْمَالِكِيَّةُ هَيْئَةَ النَّائِمِ، بَل الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ صِفَةُ النَّوْمِ وَحْدَهَا ثِقَلاً أَوْ خِفَّةً، وَالْحَنَابِلَةُ يَنْظُرُونَ إِلَى صِفَةِ النَّوْمِ وَهَيْئَةِ النَّائِمِ مَعًا، فَمَتَى كَانَ النَّائِمُ مُمَكِّنًا مَقْعَدَتَهُ مِنَ الأرض فَلاَ يَنْقُضُ إِلاَّ النَّوْمُ الْكَثِيرُ.»

الأحد، 21 أغسطس 2016

الحديث الضعيف في الترغيب والترهيب ؟

فقرة 478 وما بعدها من [قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة]

قال ابن تيمية:-
«..ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة.
 لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يُعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب.
وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروي في فضله حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً، ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع.
وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا عُلم تحريمه وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب جاز أن يرويه، فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله.

 وهذا كالإسرائيليات يجوز أن يروى منها ما لم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب فيما علم أن الله أمر به في شرعنا ونهى عنه في شرعنا.
فأما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التي لم تثبت فهذا لا يقوله عالم.

 ولا كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة. ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه. ولكن كان في عرف أحمد بن حنبل ومن قبله من العلماء أن الحديث ينقسم إلى نوعين: صحيح، وضعيف.
 والضعيف عندهم ينقسم إلى ضعيف متروك لا يحتج به، وإلى ضعيف حسن، كما أن ضعف الإنسان بالمرض ينقسم إلى مرض مخوف يمنع التبرع من رأس المال، وإلى ضعف خفيف لا يمنع من ذلك.
...والحسن[في اصطلاح الترمذي] هو ما تعددت طرقه ولم يكن في رواته متهم وليس بشاذ.
 فهذا الحديث وأمثاله يسميه أحمد ضعيفاً ويحتج به، ولهذا مثل أحمد الحديث الضعيف الذي يحتج به بحديث عمرو بن شعيب وحديث إبراهيم الهجري ونحوهما. وهذا مبسوط في موضعه.»